top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

إعراب ما تحته خط

تحتمل اللغة معانٍ كثيرة… ذات الكلمات قد تنتَظِم نسيماً عليلاً من فائض حبٍّ، أو عاصفة لا تتبدَّد من عكس ذلك… ولا أرى أن عكس ذلك هو الكره… أكاد أجزم أنَّه الَّلامبالاة. وبين اصطفاف الكلمات وناظِمها لا فرق إلَّا بمن ومتى ولمَ تُنظم الكلمات. ذات الإنسان قد يعزف ذات الكلمات لحن أملٍ، أو يفجِّرها قنبلة من ألَمٍ لا ينقطع. هل يفعل ذلك تِبْعاً لمزاجه الخاص، أو استجابة لمزاجيته في اللحظة، أم تُراه ينظم بمعزل عن كلِّ ذلك وتناغماً مع ما يحيط به؟ لو استطعنا فصل الشعور وسياقات التعبير عن مسبِّباته، لكن حريٌّ أنْ تدّعي الإيجابية المستوحاة من الفراغ ومَن يروِّجون لها النجاح، و أن تحتفل بقدرتها على قَلْب كلّ ماهو قبيح لجميل، وكلّ ما هو مبهمٍ لواضح، وكلّ ما هو غير مقصود تريده لمقصودٍ هو ملك يديك!


في حقيقة الأمر، هم يريدون أن يُوهموك أنّك إن رأيت الأمور بلونٍ أغمق ولو لدرجة واحدة من الأبيض فهذا شأنك أنت، وإن أنت عجزت عن الفرح في غياب المُسبِّب فهذا لأنّك كئيبٌ بإرادة وخيار، وإنْ أنت لم تثمِّن اللحظة على قِصر أنفاسها ولم تكن ممتنّاً لاتساعها رغم ضيقها، فهذا لأنّك جاحد! المشكلة فيك أنت والذَّنب كلُّ الذّنب ذنبك أنت! أنت لم تُحسن تزييف ما لاتراه فتتوهّمه حقيقة أمامك… أنت مذنبٌ لأنَّك لا تجمِّل الأشياء ولا ترى ما ليس هناك ولا تسمع مالم يقال! أنت مُصابٌ بعضال الواقعيَّة، عِلّتك أنّك بَرِئْت من الحلم والوهم وملء الفراغات بما هو غير موجودٍ، لتستوي حياتك وترفع الحمل عن كاهل من هُم في حياتك لكنهم خارجها! لم تُؤْتِك نفعاً مقالات التنمية البشريَّة، ولم تُتقن ادعاء الإيجابيّة في غير مكانها وفنّ خداع الذات وحواسّها.


البعض منّا وُلِد قبل العوالم الافتراضيّة والذكاءات الاصطناعيٌة… البعض وُلد في زمن الكلمات الواضحات، واتصال الروح بالروح، وتلمّس القلوب لنبض بعضها بعضاً… لم يعتادوا أن يصنعوا حول واهِيَ الفكرة عوالم تدوم ما دام المؤقّت… البعض لا زالوا يعيشون على هذه الأرض يتلمّسون الخطى حثيثةً إلى ولِمن يريدون… هم يجدون في الحقيقة فقط مسكناً لهم، والحقيقة إن تاهت، استعضنا عن الكلام لتوصيفها بالصمت أو الفراغ… بعض الفراغات قد تكون مُتنفَّساً بين الجُمل، لكن لا يمكن لجملة مليئة بفراغ الكلمات أن تكون جزءاً من نص! إنْ لم تُقَل، فهي غير موجودة… إنْ عزَّ النطق بها فهي شحيحة في عقل وقلب النّاظم للحكاية. الكلمات، ما هي إلّا تعبير عن الفكرة، والفكرة إن تكوّنت، تراها تُلِحّ على صاحبها بأن تُنطَق لتوهب حياة! ليس بكثيرٍ أن نلتزم بتصديق ما نسمع، فبين ما نعتقد وما نُطَمْئن الذّات أنه سيوجد يوماً ما دونما دليل نعيه، مساحة مِن أملٍ إمّا أن تُحييها منطوق الكلمات ، أو تصبح جرداء مع مرور الوقت وانقطاع التعبير… لا تتوهّم ما ليس هناك… إِبْق على القدمين أرضاً، فالارتفاع نحو الأعلى نشوة واهمة، يتبعها سقوط يكسِر وليس كلّ الكسر يُجبَر! إبْقِ على ذاتك مع الحقيقة، وإنْ آلمتك… لا تتوهّم أنّك أمسَكتَ بما ليس لك، أو أنك أصغَيت لِما لم يقال… إن عزَّ عليهم أن يبوحوا بما تنتظر، فقد يكون لتبسيط السبب… والسبب ما هو إلّا صدقهم العميق بأن ما تنتظر غير موجود…. البقاء على قيد الانتظار في الفراغات يُصيب الرّوح بجفافٍ لا ارتواء بعده…


إنسج ما يقولون جُمَلاً يمكن إعرابها -عودة للغة ودلالاتها! إن أصرّوا عليك أن تسمع ما لم يُقال، أحبهم بسؤال… السؤال، كيف لك أن تنسج مما لم يقال جُمَلاً قابلة للإعراب؟؟ أَوَ يعقِل أن نُعرب فراغاً تحته خط؟؟


103 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page