Saba Almubaslat
الانْتِظَار المَشُوب بِالحَذَر
عندما نَعْجَز عن إكمال المَسيرِ بُغيةَ الوصول، نَجِدُ أَنّا أمام خَيَارين... الخَيَار الأول هو أنْ نَرسم خَطاً أُفقياً يَتَقَاطَع مع أين انتهى الطريق مُعلِنين انتهاء الاستمرار ومُحَلّلين أنفسنا من المتابعة، ليس عجزاً مِنّا ولكن إقراراً بالانتهاء وقبولاً... أمّا الخَيَار الثاني، فهُو خَيَار مَنْ يخافون هَجْرَ ما لا يوجد من طريق... هو خَيَار القابِضُين على رَقِيق الحُلُم وبعْضَ أَمَل... هؤلاء يُعَزّون ذواتهم التي تخشى فَقْد الطريق، من خِلالِ إِيهَامِها أنّ الوقوف في المكان والانتظار هو "فِعْل"!
يُأَمّلُ هؤلاء ذواتَهم أنّ الوُقوف حيث هُم، هو ليس وصولاً لنهاية الطريق وإنّما إبقاء على أمل أن يَسْتَكمِل الطّريق امتداده ذَاتَ عُمْر، ليفتح أمامهم خطّاً للمسير نحو أفق الوصول... لا يَخْشَوْنَ إِنْ تَفَتّقَ طُولُ الانتظار عن أي خط... طال أم قَصُر... استقام أو تعّرجَ مُلتَفاً حَولَ ذَاتِه وذواتهم ليَعُودَ بحالِه وحالِهِم إلى نقطة الانتظار مُجَدداً...
مَنْ ينْتَظِرونَ بِصَمت، يَمَلّون بصمت... يَتَوَحّدون مع نقطة الانتظار أيضاً بصمت... كثيرُون منهم يَسْكُنون إلى هذه النقطة... يَأْلَفُونها وتَأْلَفَهُم... تُؤَانِس وِحْدَتهم، فلا يكونُ منهم أنْ يغادروها. كلّما طال الانتظار، أَتْقَن هؤلاء ما يفعلون أو لا يفعلون، حتى يُغْنِيَهُم مستقبلاً عن هَجْرِه لإِتْيَانِ فِعْل المسير!
لا تُعَوّل على صمت الصابرين أو صبر الصامتين، فهؤلاء إن سَكَنُوا فاستكانوا لشيء لا يَغْدِرُون به، حتى وإن لم يَكُن إِلّا نقطة في نهاية طريقٍ أحّبوه... هُمْ لا يَأْتُون إِفْك الرحيل! لا تُعَوّل على صمت الصابرين وصبر الصامتين، فهُم إن سَكَنُوا إلى انتظارهم لن يتابعوا المسير إليك!
