top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

تخفيضات موسمية

Updated: Jun 26


لم تعُد الرِّواية قادرةً على تَوصِيف السَّرديَّة... السَّرديَّة أتَقنَتْ فنَّ الكذب لتُمتِّع السَّامعين... تلوَّنتْ لِتكون ما يريدها المُتلقِّي... السَّرديَّة خانت الأحداث... أَعادتْ ترتيب ذاتها ألفَ ألفَ مرَّة لتُصبح صالحةً للعرض على شاشةٍ عالميةٍ، تدَّعي احتواء الكلّ، لكنَّها تفعل ذلك فقط عندما تُمَثِّل لا أحد وتشبه لا أحد وتتكلَّم بلسان حال لا أحد! صارت هذه السَّرديَّة صالحةً لكلِّ زمانٍ ومكان... لا مالحة ولا حُلوة... تَملأ خَواء الوقْت، لكنَّها أبداً لا تُشْبِع الجائعين للحياة!


عندما تَصْلح الرِّواية لكلِّ مُتَذَوِّق، فَلِنَعلم أنَّها نُقِّحَت حتَّى العظم... أَصبحتْ مُنمَّقة جداً... برَّاقة جدَّاً... كاذبة جداً! هذه الرِّوايات غالباً ما تَتمتَّع بغلافٍ مغرٍ، يُداعب كذب من يتظاهرون بأنَّهم قارِئون جامعون للكتب، ليتناولوها عن رفوف العرض في المتاجر الكبرى... وإن هُم قاوموا الإغراء، قد يوفِّروا كثيراً من مالٍ، إنْ هُم اشتروها في مواسم التَّخفيضات... لا، بل قد يكونوا محظوظين إن هم أَتُوها بعد انقضاء موسمها، حيث تُرْكَن جانباً مع الذِّكريات المُستَهلَكة لتُباع "بالكيلو" أو تُمنح مجَّاناً "فوق البيعة"!


أتقنَّا فنَّ الكذب والتزييف! أضعنا التَّاريخ مِن كَثرةِ ما أعدنا إنتاجه، وخُنَّا كلَّ من كانوا فيه وعاشوه، وحَبَكوه خيوطاً مِن أيَّامهم ودمائهم... بدَّلناهم بشخصياتٍ "بايخة" خَضَعتْ قسراً لعملياتٍ متكرِّرةٍ مِنَ التَّجميل الكاذب... بدَّلناهم بشخصياتٍ لا لون لها ولا طعم ولا ذاكرة... هكذا صرنا سرديةً فارغةً... صِرنا كذبة، ولكن بلحنٍ يرقص عليه كلُّ أحد ولا يَذكره أيُّ أحد!






63 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page