Saba Almubaslat
سَنَةٌ أَوْ عُمْر
وَبَدَأَتْ أُخْرَى!!! أُحَاوِلُ النَّظَرَ إِلَيْهَا بِتَجَرُّد... أُجَاهِدُ أَلَّا آتِيهَا مُحَمَّلَة بِمَا جَمَعْتُ مِنْ كَثِيرٍ كَثِيرٍ فِي الَّتِي سَبَقَتْهَا... هِيَ مُجَرَّدُ مُحَاوَلَة!! وَلَكِن... لَيْسَ بَيْنَ السَّنَوَاتِ فَوَاصِل... لَا أَرْفُفَ بَيْنَ مَا قَبْلُ وَمَا يَلِي لِتُصَنِّفَ الوَقْت، فَتَحْمِلُ مَا يَدْفَعْكَ أَمَامَاً رَغْبَةً وَحُبَّاً بِمَزِيدٍ مِنْ حَيَاةٍ، وَتُودِعَ مَا أَثْقَلَكَ قَيْدَ الحِفْظِ أَوْ حَتَّى طَيِّ النِّسْيَان -لَوْ أَفْلَحْتَ- مُتَخَفِّفَاً مِنْ ثِقَلِك! لَا تَتَوَقَّف العَقَارِب بَيْنَهُمَا لِتُمْهِلْنَا فَاصِلَاً نَلْتَقِطُ بِهِ أَنْفَاسَ جَدِيدَة... اسْتِمْرَارِيَّةٌ مُرْعِبَةٌ، لَا تَمَهُّل!!! وَأَمْضِي بِصَمْتٍ شَدِيدٍ لِوَحْدِي، مُعَلَّقَةً بِعَقَارِبِ السَّاعَةِ مَعَ الزَّمَنِ، لَا تَمَهُّل!!! وَتَتَتَابَعُ الأَنْفَاسُ لَهْثَاً وَتَرْكُضُ الأَنْفُسُ صَمَّاءَ مِنْ أَيِّ قُدْرَةٍ عَلَى التَّوَقُّفِ، أَمَلَاً أَلَّا يَدْفَعَ بِهَا قِطَارُ الزَّمَنِ جَانِبَاً... فَقَطْ نَسْتَمِر... تَخَيَّلُوا أَنْ يُصْبِحَ الاسْتِمْرَارُ هُوَ غَايَةُ الأَمَل!!
وَلَا يَنْفَصِلُ العَقْلُ أَو القَلْبُ عَنْ الجَسَدِ المُهَرْوِلِ مَدْفُوعَاً بِتَحَقُّقِ الزَّمَنِ وَمُرُورِهِ، لَكِنَّ الرُّوحَ أَوْ جُزْءَاً أَوْ أَجْزَاءَ مِنْهَا تُعْلِنُ حَالَةً عَجِيبَةً مِنَ التَّمَرُّد... تُبْقِي رُغْمَاً عَنَّا جُزْءَاً أَوْ أَجْزَاءَ مِنْهَا دَفِينَةً فِي فَقْدٍ مَا، كَانَ شَخْصَاً أَوْ أَوْرَاقَ عُمْرٍ، وَتُودِعُ جُزْءَاً أَوْ أَجْزَاءَ مِنْهَا أَمَانَة فِي صَدْرِ ذِكْرَى سَمَحَتْ لَكَ أَنْ تَتَفَتَّحَ فَتَطْرَح أَوْرَاقَاً مِنْ عُمْرٍ مَضَى لِتَبْقَى تَقَرَأَهَا وَتَقْرَأ فَرَحَكَ فِيهَا فِي عُمْرٍ قَادِمٍ، وَتُحَاوِلُ جَاهِدَاً أَنْ تَنْتَهِي مِنْ حِسَابِ الذَّاتِ بِأَقَلّ أَلَمٍ مُمْكِن، لَكِنْ يَبْقَى الحِسَابُ مَفْتُوحَاً وَالطَّرَفُ الدَّائِنُ فِي المُعَادَلَةِ يُثْقِلُ كَاهِلَهُ حِمْلُ الخَطَأِ وَقِلَّةُ الحِيلَةِ فِي دَفْعِ التَّنَاقُضِ جَانِبَاً، وَالتَّسَاؤُل الدَّائِم عَنْ مَدَى اتِّسَاقِ مَا نُؤْمِنُ بِهِ مَعَ مَا نَعِيشُه... وَكُلَّمَا طَلَبَنَا الحِسَابُ لِنُتِمَّه... كُلَّمَا جَلَسْنَا لِنُحَاسِبَ ذَوَاتَنَا، أَدْرَكْنَا كَمْ نَحْنُ بَعِيدُونَ كُلّ البُعْدِ عَنْ تَسْوِيَةِ الحِسَابِ لِيَتَسَاوَى طَرَفَيْه، الدَّائِن وَالمَدِين!
لَيْسَ فِي العُمْرِ كَثِيرٌ مِنْ بَقِيَّة... يَكَادُ يَكُونُ كُلُّ نَفَسٍ هُوَ آخِرُ نَفَس... أَخْطَأْنَا أَمْ أَصَبْنَا، نَمْضِي نَمْشِي نُحَاوِلُ البَقَاءَ عَلَى قَيْدِ الأَمَلِ بِأَنْ يَأَتِي نَفَسٌ يَجْعَل دَوَاخِلَنَا أَكْثَر اتِّسَاقَاً، وَكَلَامنَا أَقَلُّ كَذِبَاً، وَأَحْلَامُنَا أَكْثَر فَضِيلَةً، وَآمَالنَا أَكْثَر وَاقِعِيَّةً... نَمْضِي نُحَاوِلُ أَنْ نَتَخَفَّفَ فَلَا يُثْقِلْنَا كَثْرَة الأَلَم، وَلَا يُمْسِي حِسَاب النَّفْسِ جَلْدَاً لَا مُتَنَاهِيَاً ِللذَّات، وَلَا نَفْقِد القُدْرَة عَلَى إِدْرَاكِ أَنَّا لَسْنَا إِلَّا عَابِرِين لَا نَحِلُّ هُنَا إِلَّا قَصِيرَاً... مُحَاوَلَةُ الإِمْسَاك بِأَيِّ وَقْتٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ مَكِانٍ لِأَطْوَل مِمَّا يُمْكِنُ لَهُ أَنْ يَكُونَ، مَا هُوَ إِلَّا وَهْمٌ لَذِيذ، يُتْعِبُ مَنْ يَجْزِم بِإِمْكَانِه، وَيُحَلَّلُ مَنْ يَقْبَل بِكَوْنِهِ مُؤَقَّت شَهِي، يَمْضِي بِحَالِهِ بَعْدَ أَنْ تَحِلَّ بِهِ أَوْ يَحِلَّ بِكَ لِبَعْضِ الوَقْت...
كُلُّ عَامٍ وَأَنْتُمْ عَابِرُونَ مِنْ ذَوَاتِكُمْ إِلَى مَا وَمَنْ حَوْلكُمْ وَمِنْ كُلِّ مَا هُوَ حَوْلِكُمْ إِلَيْكُمْ... فِي النِّهَايَةِ، قَدْ تَكُون حُدُودُ الجَسَدِ البَالِي هُوَ كُلُّ مَا هُنَاكَ لَنَا لِنَسْكُنَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحَالُ رَمَادَاً فَنَتَحَرَّر مِنْ عِبْءِ الوُجُودِ المُحَمَّلِ بَأَمَلٍ، كَثِيرُه غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّحَقُّق!
