قالت: أشتاق إليك
قال: أعلم...
قالت: أحتاج إليك قال: بالطبع...
قالت: أريدك أن تخبئني داخلك فأنا متعبة
قال: حسنا...
قالت: يؤلمني فيض الحنين
قال: أعرف...
قالت: لا زلت أشتاق إليك
قال: كيف كان يومك؟
فصمتت...
فما نفع الكلام؟! ليست كل الكلمات حشو لملء الفراغات بين اللقاء واللقاء... هي لا تنطق عن الهوا ولا تولد من جوف ٍخاوٍ. بعض الكلمات نحملها كل ما فينا من شعور... تمر مخاضا عسيرا قبل أن نهبها الميلاد ونسطرها حروفا. بعض الكلمات تأخذ منا كبرياء وحنين... تجردنا من عنفوانًنا ونزقنا وتعيدنا كما كنا قبل الزيف والتظاهر... هي تولد أحيانا كما نهر تنساب لا سيطرة لنا عليها... وتولد أحيانا غصبا ورغم محاولتنا المستميتة لكتمها حن لا تفضحنا فتنطق بلسان حالنا وتكشف ما في الوجد استتر… تولد رغم خوفنا عليها من التكسّر على أعتاب التجاهل و التعوّد الملىء بالبرد وامتداد الصمت...
أن نلدها حية فتخرج تركض لهفة لتأتي إلى حضن من ولدت من أجلهم ، لتجدهم غير قادرين على احتضانها َلهُو موت لها... بعض الكلمات تحتاج أن تَعانقها كلمات تشبهها بالصدق والحقيقة والعمق والرقة والوله... فإن لم تجد ذلك تكَسّرت... تفككت إلى حروف وتناثرت... ذَوَت وانتهت وكأنها في يوم لم تتنفس من مشاعرنا شيئا...
ما نفع الكلمات إن لم تسمع؟ ما نفعها إن قرعت جدار الروح التي ولدت لأجلها ولم تجد مجيب؟ لِمَ تولد إن كانت ستحال فور الولدة رمادا؟ لعله ليس مقدرا لكل الكلمات أن تقال؟ لعل الصمت أبلغ؟ أم أن بعض الكلام لا يقال بل يعاش... بعض الكلمات إن أبقيناها صامتةً قد تعيش على أمل أنها لم َتسمَعَ الرّد لأنها لم تُقال...
و أُبقي علي صمت الكلام…
