top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

إذا عاد الأبرياء

كم صامتٌ هو داخلي... أَرْقبُ العالم وكأنَّه منفصلٌ عنِّي، وكأنِّي لست فيه أو منه! لم أعد أقوى على محاكاته أو مُمَاهاته أو الاشتباك معه، وكأنَّه حقيقيّ أو عادل أو عاقل أو منطقي. كل ما فيه غريب... موازينه مختلَّة... من يسيِّرون العدالة فيه وَقِحون مُخْتلُّون... والظَّلم أفَّاقٌ فاجر، والمظلوم متَّهم بجرأته على الوجود.

 

 كيف لك أن تكون جزءاً من عبث؟ ماذا عساك تفعل لِتُمَنْطق ما هو خارج المنطق، وتتصرَّف مُدَّعياً حِكْمة ما، وسط زوبعة من جنون؟! هو ليس الجنون ما يفصلني عمَّا يُسمَّى واقعاً، بل النَّظر إلى الأمام... ليس هناك أمامٌ حيث يقف العالم! وصل خطُّ الفُجْر البشري إلى نهايته... لم يعد من قواعد ضابطة لتعاطي الشياطين مع بني البشر... أُعطي الشَّر ضوءاً أخضر لِيُعْمِل في الأرض فساداً، فتمكَّن حدّ الكُفر من كلّ ما آمنَّا به أو اعتقدنا واهمين أنَّا حاربنا من أجله وانتصرنا له! وصلنا قاعاً لا ضوء فيه وبدأنا نحفر في هذا القاع مكاناً نُمَنْطٍقه، فَنُشَرْعِن فيه كلّ الموبقات، ونجعل من القتل فضيلة و تطهيراً لدَنَسٍ يَصْبِغه وجود الأبرياء بين ظهرانينا... ليس من مكان... هو قِتال مع الظُّلم حدَّ الموت، أو الموت بهدوء لا يؤرِّق ظُلمة القاع "المستنيرة".

 

سئمت الجدل، ومحاولات القِلَّة في توضيح الواضحات... كم هو مظلم هذا القاع... لا تبدِّد ظلمته كل القنابل المضيئة التي تُلقَى عليه وفيه من حرب المستنيرين من شياطين الأرض.

 

لا طفل راقد تحت ثقل أحلامه يستوقف أحداً... لا رضيع يموت صامتاً مِن البرد يُخجل السماء لِتُصبح أكثر دِفئاً... وبكاء الثكالى... بكاء من فقدْن القدرة على البكاء... هو لا يستوقف شياطين الأرض عن الاستمرار في الغناء والرَّقص على نَغَم الموت المدفوع الثَّمن وفوق أجساد من نبتوا من أرضهم وعاشوا فيها وارتقوا يدافعون عن شيئاً يسمِّى كرامة... هذا الشيء يعرفهم قليلون ويخافه كثيرون!

 

تبَّاً لعالمٍ استفرغ ما في جوْفه فأخرج شياطينه لِتحتلّ كل المكان... آن للأبرياء وما تبقّى من قليل طهارة أن تصعد لِبَرَاح السّماء. دعوا الشّياطين يرْجِم بعضهم بعضاً، فالقادم مختلف! لِيَكبر الشّرّ فلا يُبقي ولا يَذر، وليقتل الظّالم الظّالم، بينما الأبرياء ينْعمون بالمشاهدة من علياء!

 

لا تغضَب أيُّها الطاهر... فقط انتظر... سيقتل الظَّلم الظالٍمُ حتى يبيد آخرهم آخرهم... عندها، قد تعودون أيُّها الأبرياء... قد تعودون!



47 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page