top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

العالم الحر وأشياء أخرى (أترك تشكيل الهمزة لكم)

سمعت هذا الصباح أحد الذين لازالوا يؤمنون أنّ في العالم ما هو هناك وهو يبعث برسالة. عنْوَن الرسالة "نداء إلى هناك"! يا صديقي توقف! ليس من هناك تناديه. أي مكان خارج غزّة لا يوجد. كل ما هو هناك انضمّ إلى جهنّم وقرّر أن يكسر ميزان العدل بقرار، ويقتل الحرية بذريعة الدفاع عن النفس.


ليست القوى متكافئة، ففي غزّة حريّة ليست هناك، وإصرار على البقاء بالاتّفاق مع ملك الموت حتى بعد القصف ليس هناك. في غزّة حبٌّ ليس هناك، وهواء لا يملكه المخنوقة حناجرهم هناك.


يا صديقي، غزّة توقّفت عن النّداء منذ أمد. هي أدركت قبل الذين تماهوا مِنّا مع العالم الحرّ أنْ لا فائدة. هم لا يرتجون من "هناك" فَارَق قِيَمه أن ينصرهم. يعلمون جيّداً كم نحن زائفون. سقطت وجوهنا يا صديقى... تجاوزنا الأقنعة بمراحل. ملامحنا البلهاء المتمدّنة لا تملك الحق أن تَعبَس وهي تشاهد الأطفال تُقتل بمباركة العالم الحرّ، والنّاعقون بالحقّ والعدل والحرية. مطلوب مِنّا أن نكون مهذّبين فلا نشجب، ومتحضّرين فلا ننشر الوجع. مطلوب مِنّا ضبط النّفس فلا نصرخ ونحن نحصي عدد من يولدون من الحياة إلى الموت... لقد تمّ تدجيننا بالكامل... بِتْنا أكثر تهذيباً مما تتصور!


الأزمة ليست في غزّة، فتلك الحرّة واضحة رؤيتها. هي ترى العالم دون تجميل وتسمّي الأشياء بمسمّياتها. بينما دؤبنا نحن على تعلّم كل لغات العالم لنتواصل معهم وِفْق ما يرونه مناسباً وصحيحاً، أَتْقَنت غزّة اللّغة الوحيدة التي يفهمها العالم. بينما تعاطفنا مع كل المُختَلق من القضايا، نسينا من نحن ومن أين أتينا وبتنا مُنهمكون حدّ الغباء بتغيير جلودنا الطّبقة تلو الأخرى، علّنا مع الوقت نصبح "أكثر بياضاً وغباءً" فنُقبل نسبياً كبشر.


الأزمة باتت الآن في أي مكان وكل مكان إلّا غزّة! والموت الذي يموّله الكثيرون سيعود ليحصد مجاميع بشرية في مكان ما في يوم ما عندما يصبحون بنظر الشِّرْعة الحقوقية أقلّ بشريّة... أو عندما يُمسون ذات ليلة عَقَبة في طريق مدّعيي التنوير... استعدوا، فمنظومات جديدة الآن يكتبها العالم الحر بتمويل منا، وسيُروَى بدمائكم قريبا، ليبقوا على مؤخراتهم مستقرة فوق جماجم الشعوب!




38 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page