top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

ولو يوماً، أو بعض يوم!


يبدو مُرَّاً عند تَجَرُّعِه لأوَّل مرَّة... ذاك هو الخذلان! يبدأ المتجرِّع باعتياد المَرَارَة مع الوقت... يتجاوز بعد حينٍ شعوره الجامح بالتقيُّؤ، كلَّما ابتلع قدْراً جديداً منه... ومع الوقت، يصبح مذاقه مُحَفِّزاً لمستهلكه قهراً وإكراهاً، فيشحذ جميع حواسّه ليتأهَّب للدّفع بعجلة الزمن إلى الأمام... يصبح مؤمناً دون أدنى شكٍّ أنَّه قادر على تخطِّي القرف الذي تراكم حوله وعليه منذ الميلاد، وأنَّه لابد وأن يصنع يوماً، ولو واحدٍ أو بعضاً منه، دون جرعة إجباريَّةٍ من المرارة!

 

من رَِضعُوا المرارة قهراً... من وُلِدوا مُتّهمين أنَّهم مجرمون حتَّى يتمّ إبادتهم بنجاح... هؤلاء، لا يركعون! هُم يعلمون أن في التَّمهُّل حتى يدرك العالم حجم مأساتهم، هلاك... هم يعلمون أن "العشم " وهْمٌ من عمل الشيطان، فيجتنبوه! هؤلاء، يقرِّرون أن يفتحوا في الوجود مساحة موازية، تحت الأرض و فوقها... وأن يحْفروا في الزَّمن أنفاقاً تصل الحاضر البائس لمن قدّموا كراكتهم ثمناً للبقاء، بمستقبلٍ من رؤياهم المفارقة لواقع المهزومين... هؤلاء، يَفرِضون جديداً في المكان والزَّمان، ويتركون للبقية خَيَار أن يلحقوا بهم، أو يقضون نَحْبهم أذلَّاء.

 

في النَّفق الواصل بين ماض المنهزمين، وحاضر ومستقبل أحفاد الحقّ، لا مكان ل "ماذا لو"! هم يعملون، والآخرون إما يتساقطوا قبل دخول النَّفق، أو يمضوا فيه، على الرّغم من ظُلمته، نحو النّور.

 

طوبى لِمُرٍّ أيقظ فيك إدراكاً أنَّك تعيش مرَّة، وأنَّك تختار كيف تموت!


43 views2 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page