top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

اللّحظَةُ المَلِكَة

الآن وقت عشت من العمر ما عشت، أكاد أجزم أنّا نتوقف عن صراع النفس فقط عندما ندرك أنه و في هذه المسرحية الهزلية، ليس من رابح! هي كلها معارك برسم التكرار… الفوز ضئيل مؤقت… الانتصارات باهتة… المعارك لا تنتهي… هي فعل موصول… هي كل ما هناك.


أنا لست معنيّة بالفوز… لا يهمني خط النهاية… في واقع الأمر هذا الخط ما هو إلا كل لحظة…تولد كلها هذه اللحظات منتظرة كل منها أن تُبَلّغ ما إن كانت هي خط النهاية… إنْ نَجَتْ نجَوْنا وعبرنا منها إلى ما تليها وهكذا… بترقب لحظي نستمر على قيد الحياة حتى تحين تلك التي لا لحظة بعدها… تُبَلّغ دون سابق إنذار أنها ستتوّج سيّدة كلّ ما سبقها من اللحظات… ستتوّج هي وليس غيرها لحظة النهاية… "اللحظة" بألف ولام التعريف! يتساقط خلفها كلّ ما كان ينتظر أن يولد.. يموت خنقاً بعقارب ساعة الصّفر وهي تلتف حول بعضها تعصِر بقايا العمر وتزفِر آخر الأنفاس… اللحظة الملكة… اللحظة الأخيرة… نهايات المعارك والمخاض… تساقط الألم صمتا وانكسارات الانتصارات الوهم….


إلى أن تأتي بغتة، أنا لست معنيّة بكبير الانتصارات… لست معنيّة بأي فوز… أنا أكتفي بهذا الهنا وما فيه من قليل حلو يأتي إليّ طوعا… ليس في الأفق وعود برّاقة… فقط تتابع مُتَرَدّدٌ للوقت… ليس هناك انتصارات مفاجئة… كل ما هناك هو هذا الهنا وقليل من باقي اللحظة قبل أن تعبُر مدركة أنها ليست الأخيرة… لا آبه إن كانت ألوان هذا الهنا ليست الأكثر إشراقا… هي ألوان اخترت بملء اللاإرادية والمشي نحو لحظة النهاية. لا أهتم إن كانت التفاصيل يشوبها كثير من غبار واختلال في التماسك وفراغات في الأحداث… أنا أرى منها ما أرى وهذا يكفي… لا تهمّني كلّ القصّة، فأنا لست إلّا تفصيلا ضئيلا في ثناياها أو فاصلة بين الجُمَل… لستُ أنا القصّة أبداً ولا أريد أن أكون!!


أنا لا أرغب بامتلاك أي من الزمان أو المكان… كل مانحن وما ملكنا لن يدفع النهاية أبعد عمّا هي بلحظة… سأبقي على خفّتي علّي أهبط بسكون الصمت عند النهاية… إن غادرت الصفحات الآن، سأغادر مبتسمة… أتنفّس ملء ما عشت بهدوء… أرمش ببطء غير آبه…و أغمض العينين على جميل ما رأت من صورٍ وعاشت من ذكريات.


ليس هناك انتصارات… هناك معارك وخسائر أقلّ إيلامًا… لكننا في النهاية لا نعود نكون! لا فرق بين منتصر ومنهزم… بين من عاش باكتمال ومن زَحَف… بين من مارس الحياة فِعْلاً ومن استجداها خوفا… بين من انتشى حُبّاً ومن عاش يلهث خلْف خيالات واهمة…

في النهاية، لافرق! هي كلها متشابهة… هي النهاية.






52 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page