بعض الأيَّام تُلِحُّ عليك أكثر من غيرها... تطالبك بالتوقف... بالنَّظر إلى الوراء وتحليل تراتبيَّة الأحداث... بتفسير ليس لأحدٍ إلَّا لنفسك... أو حتَّى محاولة فَهْم الركض بعينين مغمضتين أحيانا، أولا تريان أحياناً، أو تريدان ألَّا تَرَيَا أحياناً كثيرة... بعض الأيَّام تَرْفض أنْ يتمَّ تَجَاوزهَا دون محاسبة عميقة للذات... هي لا تقبل أن يُدْفَع بها إلى الوراء، لِتَلْحق بسابقاتها... تضعك أمام نفسك... تفتح عينيك عُنْوةً، فتواجهَك بما تجَنَّبْت لحين... هي لا تُحاول قَهْرك، أو هزيمَتَك! هي فقط تُريد منك أَنْ تَقومَ "بِجَرْدَةِ حِسَابٍ"... تريد أَنْ تُذَكِّرَكَ أنَّه لم يبق منها كثيراً... وأنَّك إِنْ لم تَعِش ما سبق، فربَّما عليك أن تصدُقَ نفسك إن كنتَ مُؤَهَّلاً لتعيش ما هو قادِم، لوْ قَدِم!
لا تعْبر هذه الأيَّام دون أن تعترف... لا تبرحها دون أن تعتذر لِما لم تَعِش... لا تَمرَّ عنها مرور الغافلين... ولا تأتِ ما بعدها وأنت مستمرٌّ في استهلاك الوقت عبثاً! إنْ وُهِبتَ بعدها مزيداً منها، فلتختار كيف تعيش. كفى عبثاً بما لا تملك... كفى استهانة بالعمر والوقت والأنفاس... كفى انتظاراً للمعجزات، فزمنها انقضى ولن يعود! فقط ما تملكه يكون لك... النّفَس كل نَفَس... اللَّحظة كلَّ لحظة... وما امتلكت من ذاتك، وما قد تَهَبْكَ الحياة من حب ولو شحَّ هنا، وضحكة ولو خفَتَتْ هناك، وحلْم ولو قَصُر بين الرمشة والرَّمشة... فقط تيقَّن أن ما تعيشه حقيقة... لا وقت للوهم... لا وقت للوهم! كثير الانتظار لا يَمدُّ في عمر الوقت... كثير التشكُّك لا يلد حقيقة... لمْ يبقَ مِنَ الوقْت إِلَّا هذا النَّفَس!
