top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

وما أدراك ما الحب!!

Updated: Mar 7, 2022

تبادلت وصديقة الحوار اليوم، حيث سألتني وبما أنني أكتب، لماذا لا أكتب عن الحب ؟!؟! طبعا لكم أن تتخيلوا ملامح وجهي عندما استلمت الرسالة... الحب! حب من لمن؟ أي حب تريديني أن أتكلم عنه في زمن احتل الكره الكل منه؟ اهو ذاك الوله الذي نراه في الأفلام؟ أم اللقاء الذي يدق له القلب كما في الروايات؟ لا يا صديقتي، فالحب ليس وَلَه ولا نظرات ولا رهف القلب إذا ما أمسك الحبيب المنتظر يدك. الحب شعور ينضج مع العمرو يبدأ منذ الصغر. أبجدية الحب نتعلمها قبل اللغة، ثم نعبر عنها بكلمات حين نطور مفرداتنا، ولكنها حالة نعيشها سلوكا، إذا ما كنا محظوظين لنولد أو نعيش في أماكن تعتبر أن الحب شرعها، فلا تحرّمه.


أن يجرأ والدين فيقولان صراحة لصغيرهما أنهما يحبانه، ليس كمكافأة على عمل ما ولكن كتعبير خالص عن حب غير مشروط... أن تُقبل بكل اختلافك من أقرانك... أن تحبك المدرسة و الحارة... ألا يسيّس نقدك البناء فيقبله وطن ويسمح لك بأن تفكر باستقلاليه بناءة... أن يحبك من حولك على عِلاّتك، كل هذه سلوكات تُعينك على حب ذاتك، لتكبر قادرا على الحب. كم مره سمعت أحدا يقول لك أنا أحبك دون أن يتبعها ب "لأنك"؟ نحن كبرنا وكلنا قناعة أن الحب يحتاج تبريرحتى لا يساء فهمه. الرجل أقوى وأكبر من أن يحب والمرأة تحب بدافع من ضعف، والأطفال لايحتاجون لسماع التعبير لأننا نفترض أنهم يدركون من كل ما نفعل لأجلهم أننا نحبهم... والوطن حبه اختلط علينا فما عدنا قادرين أن نحبه دون أن نقرنه بأشخاص!


نحن جعلنا من كلمة "الحب" عاقر لا تلد شعورا، فقد استنزفناها واستهلكناها وأتبعناها بحرام هنا وعيب هناك، حتى صرنا أعجز من أن نحب. دخل الدين والسياسية والعرق والأصل والفصل بين المحب وذاته فصنف أنواع الحب إلى مسموح، ومرغوب وحد كفاية وحرام. يُجَرم كثير من أشكاله ونسمح للقليل المبني على الاستسلام أو التبعيه بالبقاء كونه واضح لا لبس فيه. أن تحب يعني أن تكون أنت كما أنت، دون تزييف أو تحريف أو تأوييل. أن تحب يعني أن تنتصر على الكره، ونحن نكره بشدة، ودونما تعقل.

يا صديقتي، أتعلمين متى بدأت أحب؟ فقط عندما ابتعدت عن الأشياء والأشخاص مسافة قارتين وبحرين. عندها فقط بت أرى الصورة عموما دونما الغوص في التفاصيل، فباتت جميلة. إن القراءة ما بين السطور وتحليل الأشياء حد الملل تفقدها رونقها، وتقربنا من التجاعيد في وجهها فتأنفها نفوسنا. الآن صرت أشتاق لما هو بعيد، فأحن له بحب، فأحبه. الآن فقط صرت أحب الندى في صباحات مدينتي الباكرة، والقهوة على نافذة المطبخ في بيت والدي والجَمعة في البستان مع العيلة. الآن يبقيني على قيد الحياة ذكريات القهوة مع زملائي قبل الذهاب ليوم شاق في مخيم اللاجئين، وجمعة مشاوي في بيت عمي وطلعة يوم الجمعة الصبح قبل ما تصحو الشوارع مع صاحبتي لنتناول الفطور على عجل في شارع لازال يحاول الاستيقاظ من نومه، ونعود من بعدها بشحنة حب لليوم والقادم من الزمن.


مع البعد تصمت الأصوات الصغيرة، وتبقى الصور فتحبها وتحن إليها. وتتمنى بصمت أن تجمعك بها الأيام ولو للحظات معدودات قبل فراق لا عودة منه. يا صديقتي، ليس الحب شخصا بل سلوكا نعيشه. هو يبدأ بحب الواحد منا لذاته وقبوله لعلاته ورضاه المتناهي عن حياة يعيشها دون ندم ويستنشقها عبقا يسري في دمه.


إلى كل ما أحب ومن أحب، أعانتكم ذواتكم لتعيشوا مع أنفسكم بحب حتى ينبض كل ما حولكم حباّ!

111 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page