top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

أنت لست مهما

يستوقفني نفر من البشر يصنفون أنفسهم تحت خانة [مهم]! لا أدري لمن أو لماذا، لكنها فئة تعتقد أن لها [ضربة لازم] وبالتالي تأتي بحكم المفروغ منه في مقدمة الصف في كل مكان. هؤلاء موجودون كالعفن الضار في كل مجتمع تتوافر فيه الظروف المناسبة للبقاء. وبما أنني شبهتهم بالعفن ابتداء، فسأبني مقاربتي على هذا الأساس. لاستمرارهم، يحتاجون لغياب نور العدل، فالأماكن المظلمة بالجور والإجحاف هي أماكن تبقيهم على قيد الحياة. يحتاجون للرطوبة، فكلما توافر رطب الكلام من المتملقين، الذين يداهنونهم أملا بالحصول منهم على مكسب قليل، تجدهم يترعرعون ويمتدون! وإذا أبقيتهم في مناصبهم، داخل مكان محدد، يمتدون ويتمددون لينخروا فيه حتى يتآكلوه ويحتلوا المكان، تماما كما العفن على كسرة خبز مبللة داخل كيس أو إناء مغلق!


السؤال، هل العلّه بهؤولاء أم بنا؟ لماذا نداهنهم، لماذا نتملقهم؟ كيف نتوقع أن نتحصل منهم على نفع وهم قائمون على مبدأ أن كل ما تطاله يدي هو حلال علي؟ متى سنملك من منطق الأمور ما يُمكّننا من مساءلتهم وتنظيف مجتمعاتنا منهم؟ مما نخاف؟ قطع عنق؟ قطع رزق؟ أليس المؤمنون منا مقتنعون أن هذين ليسا بأمر أحد؟ فلو كان الرزق بيد عبد، ما وصل لعبد! ومن منا أقل إيمانا، قد يؤمنون بأن لهم في الدنيا بقدر سعيهم؟ يعني مؤمن ولا لأ، حري بك أن تعلم أن رزقك مش بإيدهم!


إن حرية الفرد تكمن بانعتاقه من التبعية، و بقدرته أن يعتمد على عقله وعلمه وساعده، وعلى إيقانه بأنه قادر على إحداث التغيير الذي يتمناه مهما صغر مقامه على سُلّم الأهمية. يعتمد هؤلاء [المهمون] غير المهمين في بقائهم على ضيق أفق الأكثرية، وخوف هذه الأكثرية الساحقة لذاتها من الانعتاق، وعلى ترهيبهم برزقهم وقوت صغارهم. هم من روّجوا لمقولة [إمشي الحيط الحيط وياربي الستر]. هم من روجوا لمغالطة أن السؤال و المساءلة تشكك بانتمائك وولائك، وكأنهم يعطون سكوك انتماء وهم أوّل الهاربين حين يتطلب الانتماء تضحيات.


الأكثرية هي ملح الأرض، وهي ما ومن يهم. الانتماء يكون للأرض والأوطان وليس للمتعفن من الأفراد، لأن الأرض تبقى ثابتة راسخة بينما الأفراد إلى فناء. والوطن لا يحيا إلا بالأحرار... فلنتوقف عن ترديد "نموت نموت ويحيا الوطن"... أي وطن هذا الذي سيحيا على أنقاض كرامة إنسانه وجثته الهامدة وفتات الشعور بالعزّة؟!


يا أيها المهم غير المهم، ترفّق بالأرض وأنت تدوسها بكل ما أُوتيت من عنف، تثير الغبار من حولك ليرى من يحاول تجاهلك أنك آتٍ. يا أيها المهم غير المهم، لا تكبر... لا تكبر. يا أيها المهم غير المهم إنظر من حولك لتدرك صغرك مقارنة برحِب الكون، ولترى كم أنت ضئيل. لك أقول، في اليوم العاصف يطير ويعلو [كيس البلاسيك الفاضي]، الحجارة الثقيلة تبقى على الأرض.


يا أيها المهم غير المهم لا تُفاخر بما تعتقد أنك من الحقيقة والعلم امتلكت! من يتعلم ويتدبر في حقيقة الأشياء، هو من يتواضع ويدنو حتى يلامس وجهه الأرض. العالمون لا يقطنون المشيّد من الأبراج، لأنهم كلما تعلّموا، أيقنوا أن هنالك الكثير الذي لازالوا لا يعلموه..


تواضع يا ابن آدام وانزل إلى حيث يعيش البسطاء منّا... انزل من عليائك، فقد ترى الحياة بعيوننا عن كثب... إنزل من عليائك حتى تلتصق بالأرض! العالمون غير المداهنين، يترفّقون بالأرض حين تطأها أقدامهم، لأنهم يعلمون أنها مستقرهم ومنتهاهم.


يأيها المهم.... صدقني أنت غير مهمّ!




193 views1 comment

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page