top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

امرأة في وجود مُذكّر…

Updated: Mar 9, 2022


خلف ستارخفيف من مساحيق وأقنعة منتقاة تختبىء تلك الواثقة الباسمة الألِقة... تمشي على الأرض الهوينا، يكاد وقع خطاها يلعب سيمفونيه جديدة لم تعزف بعد... غازلها النسيم من حولها عندما عجز أن يقاوم، فبعثر خصل شعرها حريرا على الوجنة... تزيح تلك الخصل لتريحها خلف الكتف وهي تواصل المسير... تَهَبُ ابتسامة لصغير مر من جانبها، وصباح الخير لبائع الجرائد، ونظرة حادة لسائق لم يتوقف لختيارة تريد قطع الطريق وتمضي واثقة باسمة ألقة.

مساحيقها وأقنعتها ليست كلها طلاء وجه! بل تتعدى ذلك لنظارة سوداء تحجب العينين... تلك النظارة هي لها ستار ينكر الحزن في المقلتين ويحجب الحقيقة لقرارة نفس قد تفضحها تلك العينين. للعالم، سواد النظارة دليلٌ على نزق امرأة قررت أن تغلب جرأة نور الشمس، فتهذبها وتسمح لقليل منه بالتسلل، بينما تحجب هي ما تحجب من ذاك النور بقرار. حذاؤها عاليَ الكعب رغم ألَم القدم... للناظر هذا تبختر ومزيد من نزق، ولها هناك دافع آخر... هي لا تريد أن تضطر فترفع الرأس للأعلى وهي تنظر للأشياء والشخوص فتسرق من حذاء بضع سنتيمترات... هي تريد لعينيها أن تنظرا لكل الأشياء لاسيما عينا مذكر، وكل المذكر في الشخوص و الأشياء، دون أن ترفع رأسها. تدرك أن سيكولوجية المذكر الضيقة الأفق، قد توهمه أن بضع سنتيمترات من فارق في الطول تجعل منه شيئا أو شخصا في موقع قوة. وملابسها... أه مما ترتدي! تفضح حيرتها بين أن تكون صلبة في عالم يهيمن عليه "المذكر"، أو محتشمة في وجود ناقص يحاكمها استنادا لقليل من قطع قماش فيصنفها محترمة رصينة ماجدة عفيفة، أو ماجنة لعوب تنشر الفتنة حتى تغوي آدم المسكين وتعود لتخرجه من جنته، وبين رداء يشعرها أنها من خُلقت لتكون... أنثى! وتمضي... تمشي بثقة سرقتها عنوة من الحياة، وحياة تعيشها رغم حكم الجاهلية بؤدها، ورِفعة رغم أن شلل المجتمع أبى إلا أن ينزل بها ألف ألف درجة، ليس لشيء إلا لعجزه الذكري من التعايش مع انتصاراتها المؤنثة!

ولكن لو أنك نظرت مليمترات تحت السطح لأدركت أن من تنظر إليها حائرة بين الأنا "هي" وتلك التي فصّلها المجتمع على قياسه وقياسه متغير كما أسعار السلع في سوق ليس عليه رقيب...

حزنها غاضب على كون أوجدها وحرمها من الرأس حتى أخمص القدمين... وقلبها من شدة الثورة يضج بدفق الدماء، لو أنك اقتربت لسمعت صراخ القلب آه وألف آه وتبا ثم تبا لعالم لم يطق جمالَه فرجمه بكل حجارة الأرض وجلده بالسوط والصوت...

هي ليست كاذبة ولا منافقة... كبرت في مجتمع كل أشكال القسوه فيه مذكر، وكل أشكال الاعتراض فيها يضبطه مذكر... وكل خضوع وخنوع يمليها ذاك المذكر... كبرت في مجتمع وُصف ظلما بأنه ذكوري، وهو لا يعدو كونه مذكرّ! هي لا تدّعي ولا تتجمل...هي تُظهر لك من تريد أنت أن ترى، فتختصر معركة هنا ونقاشا عقيما هناك. تعلّمت بحكم أنوثتها أن تختار معاركها معك، كنت من كنت... أبا أو أخا... حبيبا أم زوجا... ابنا أو عابر سبيل! كنت ما كنت طريقا أم عملا أو وجعا أو فنجان قهوة... هي لا تهابك، لكنها باتت تجزم أنك لا تفهم ولن تفهم، فقررت أن كسب المعارك الهزيلة والجولات مع مهزوم أرعن يحمل سيفاً يكون بعدم خوضها!

أيها المذكر في الحياة، ينقصك قليلا من تهذيب الأنوثة، وعنفوان الأنوثة وعبث الأنوثة وعبق وعشق وحنان الأنوثة... أيها المذكرينقصك قليلا من حب غير مشروط... أيها المذكر في الأشياء، كل الأشياء من حولي، تحتاج لقليل من الشعور الطفولي الصادق. لو أنك ملكت هذه المفاتيح، لأصبحت أفضل! أيها المذكر في الأشياء كل الأشياء...انظر لكل ما هو حولك... الحياة أنثى... الأرض أنثى... الجنه أنثى... الولادة أنثى وكلها تهب!ّ تريّث... تنفّس... فقط انظر من حولك! إن أدركت ، غدوت أكثر من مذكر.... غدوت إنسانا…


81 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page