top of page
Search
  • Writer's pictureSaba Almubaslat

حَرْبُ الجَمِيع ضِدَّ الجَمِيعِ وَمَعَارِكَ أُخْرَى


صِرَاعَاتٌ لَا مُتَنَاهِيَةٍ نَعِيشُهَا اليَوْم... تَشْعُرُ كَأَنَّكَ فِي حَالَةٍ مِنَ التَّحَفُّزِ المُسْتَمِرِّ لِلانْقِضَاضِ عَلَى الفِكْرَةِ وَحَامِلَهَا وَصَوْتهِ وَمَوْطِئِ قَدَمِه، أَوْ لِلدِّفَاعِ عَنْ ذَاتِكَ إِنْ قَرَّرَ البَعْض أَوْ الكُلّ الانْقِضَاضَ عَلَيْك أَوْ عَلَى فِكْرِكَ أَوْ صَوْتِكَ أَوْ مَوْطِئ قَدَمِك! كُلُّنَا فِي حَالَةِ تَأَهُّب... لَا وَقْتَ لِرَمْيِ السِّلَاح... لَا وَقْتَ لِلتَّنَفُّس!


وَفِي خِضَمِّ الحَرْبِ المُعْلَنَةِ وَغَيْر المُعْلَنَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَلَا شَيْء، يُبَرِّرُ الكَثِيرُونَ اسْتِخْدَامَ كَلّ الوَسَائِل الخَبِيثَةِ كَأَدَوَاتٍ نُطَوِّرُهَا تَدْرِيجِيَّاً لِلْقِيَامِ بِسُلُوكِيَّاتٍ مُتَخَلِّفَةٍ تُدَلِّلُ عَلَى تَقَهْقُرِ مَا نَدَّعِيهِ مِنْ تَطَوُّرٍ رُغْمَ إِتْقَانِنَا زِيف المَدَنِيَّة... وَنَنْجَحُ بِإِثْبَاتِ أَنَّ العَمَى الأَخْلَاقِيّ بَاتَ ضُرُورَة يَفْرِضُهَا الوَضْعُ الرَّاهِنُ وَيُرَوِّجُ لَهَا الاسْتِثْمَار عَالِي المُسْتَوَى فِي "رَأْسِ مَالِ الخَوْف"، وَالَّذِي يُعَدُّ الطَّرِيقَة الوَحَيِدَة لِضَمَانِ شَرْعِيَّة مَا -وَمَنْ- لَا شَرْعِيَّةَ لَه. وَنَبْقَى نَتَبَارَى فِي إِتْقَانِ العَمَى الأَخْلَاقِيّ فَنُصَدِّقُ أَنَّ السَّبِيلَ الوَحِيد لِمُحَارَبَةِ الشَّرِّ هُوِ إِنْتَاجُ الحَرْبَ الفِعْلِيَّة وَالمَعْنَوِيَّة، وَالتَّفَنُّنُ فِي تَصْنِيعِ أَدَوَاتِ الاقْتِتِالِ وَالقَتْلِ الفِعْلِيَّة وَالمَعْنَوِيَّة... نُسَلِّمُ أَنَّ الفَرْدَ فِي الأَصْلِ فَاسِدٌ مَجْبُولٌ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مُنَافٍ لِلْمَنْطِق، وَعَاجِزٌ بِالمُطْلَقِ عَنْ كَبْحِ العَفَنِ المُتَأَصِّلِ فِيه، فَيُصْبِحُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ كَامِيرَاتٍ عَلَى زَاوِيَةِ كُلِّ شَارِعٍ وَفِي دَاخِل كَلّ جَيْبٍ وَبَيْن جِلْدِ الفَرْدِ وَضَمِيرِه لِنُرَاقِبَ مَدَى ابْتِعَادِهِ عَنِ الفَضِيلَةِ المُدَّعَاةِ إِنْ هُوَ اسْتَتَرَ إِلَى عَتْمَةِ الَّليْلِ أَوْ تَوَارَى عَنْ نَاظِرَي ضَمِيرِه.


نَجَحْنَا فِي خَصْخَصَةِ الخَوْفِ فَقَدَّمْنَا حُرِّيَّتَنَا ثَمَنَاً لِمَنْ يَسْتَطِيع حِمَايَتَنَا مِنْ خَوْفِنَا المُتَصَاعِد مِنْ شَرِّ ذَوَاتِنَا الَّذِي لا نَعِي وَذَوَات الآخَرِينَ مِنْ حَوْلِنَا. صَارَ الثَّمَن البَخْس الَّذِي نَرْتَضِي لِاسْتِمْرَارِنَا هُوَ تَقْدِيمُ أَحْلَامَنَا وَسَلَامَنَا الذَّاتِيّ بَلْ حَتَّى ضَمَائِرَنَا كَتَكْلُفَةٍ بَشَرِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ تَجَنُّبَهَا لِلنَّجَاةِ بِرُؤُوسِنَا مُنْفَرِدِينَ مِنْ خَوْفٍ وَفِيرٍ فِي مُتَنَاوَلِ الجَمِيع وَآمَنَّا أَنَّ هَذَا الخَوْف ضُرُورَة لِلنَّجَاة. نَصَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ فِينَا نَفْسَهُ حَكَمَاً وَجَلَّادَاً يُعْدِمُ كُلّ مَنْ حَوْلَه، فَكُلُّ مَنْ هُوَ لَيْسَ أَنْتَ شِرِّير وَكَبْحُ الشَّرِّ خَارِجَكَ هُوَ حَقٌّ تُعْطِيِهِ لِنَفْسِكَ عِنْدَمَا تَسْقُطُ كُلُّ القَوَانِين وَيُصْبِحُ البَاطِلُ هُوَ السَّائِد وَالمَقْبُول عُرْفَاً... إِنْ لَمْ تَمْلُكْ مَا يَكْفِي مِنَ الشَّرِّ لِلْقَضَاءِ -بِمُبَرِّرٍ أَخْلَاقِيّ تَمْنَحْهُ لِنَفْسِكَ- عَلَى الشَّرِّ خَارِجَكَ فَأَنْتَ لَسْتَ إِلَّا ضَحِيَّةً قَيْدَ الاِنْتِظَار! أَمَّا شَرُّكَ أَنْت، فَمَا هُوَ إِلَّا الخَيْرُ كُلّ الخَيْر! كَيْفَ لَا، وَهُوَ الكَافِلُ الوَحِيدُ لِنَجَاتِكَ مِنْ كُلِّ الشَّرِّ حَوْلك؟!؟!


كُلُّ هَذَا وَأَكْثَر صَارَ يُدْعَى "حَضَارَة"! تَمَّ تَدْجِيننَا لِنَحْرِصَ عَلَى العَيْشِ فِي كَنَفِ وَتَحْتَ رِعَايَةِ الخَوْفِ الدَّائِم... قَبِلْنَا، لَا بَلْ وَاعْتَنَقْنَا حَقَائِقَ مَقْلُوبَةً تُجَرِّدنَا مِنْ إِنْسَانِيَّتِنَا... كُلُّ مَا عَلَيْكَ التَّرْكِيزُ عَلَيْهِ هُوَ أَلَّا تَكُونَ أَنْتَ الضَّحِيَّة، أَمَّا مَنْ هُمْ دُونَكَ، فَحَسَنَاً...! القَضَاءُ عَلَيْهِمْ شَرٌّ مَحْمُودٌ لَا يُمْكِنُ تَجَنُّبَه لِغَايَاتِ النَّجَاةِ الفَرْدِيَّة. صَارَتْ أَهَمّ المَهَارَاتِ الوَاجِب تَعَلُّمهَا بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍ وَالعَيْش بِمُقْتَضَاهَا هُوَ الأَنَانِيَّةُ المُطْلَقَة! هَذِهِ الأَنَانِيَّة تَكْفُلُ لَكَ، إِنْ أَنْتَ مَارَسْتَهَا بِإِيمَانٍ لَا يَشُوبُهُ شَك، أَنْ تَكُونَ ضَمَانَاً لِاسْتِمْرَارِيَّتِكَ غَدَاً! اسْتِمْرَارِيّتكَ أَنْتَ وَحْدَكَ، حَتَّى لَوْ كَانَ كُلّ مَنْ هُمْ دُونَكَ ضَحَايَا جَانِبِيَّة يَكْفَلُونَ بَقَاءَك.


هَذَا مَا بَاتَ يُدْعَى اليَوْمَ النَّمْط الجَدِيد لِلْبَشَرِيّ الحَدَاثِي! عَيْشُهُ المُؤَقَّتُ اللَّامَنْطِقِيّ الَّذِي تَكْفُلْهُ لَهُ أَنَانِيَّتهُ المُغْرِقَة فِي الذَّاتِيَّةِ وِإِتْقَانِهِ لِلشَّرِّ هُوَ السَّبِيلُ الوَحِيدُ لِلنَّجَاة. وَهَذِهِ النَّجَاة المَشُوبَة بِالفَنَاءِ المَعْنَوِيِّ المُتَجَدِّد مَعَ اسْتِمْرَارِ الجَسَد هُوَ الحُكْمُ بِالإِعْدَامِ حَيَاة إِلَى أَنْ نُوهَبَ الانْعِتَاق بِالمَوْت... صِرْنَا نُدَلِّلُ بِمُعَانَاتِنَا الَّتِي لَا تَنْتَهِي عَلَى أَنَّا لَا زِلْنَا هُنَا... فَيَالَ بُؤْسِ مَدَنِيَّتِنَا!




66 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page